واغفر لنا ذنوبنا
نوفمبر 10, 2020اتطمن عنده الأمان
نوفمبر 17, 2020كان «تشارلس داك» رائد الفضاء الأمريكي الشهير
يقود مركبة الفضاء أبوللو 16
وهو يبلغ من العمر 34 عاماً في عام 1972،
حيث كان يرافقه في تلك الرحلة رائد الفضاء
جون يانج وماتنجلي.
وما إن انطلقت المركبة، وابتعدت عن الأرض قليلاً
حتى صار يُمتع عينيه بجمال الأرض في دهشة وإثارة
وكان بوسعه أن يرى شرق الولايات المتحدة، فهذه فلوريدا،
وكوبا، وجزائر البهاما، وبعد
هذا أمكنه أن يرى القارات المختلفة،
كما رأى الصحراء الصفراء والبحار الزرقاء والغيوم البيضاء
وأشعة الشمس في السماء. وعندما اقتربوا إلى القمر
بدا كمكان ساحر الجمال ليقضوا عدة أيام في مداره
وأخرى على سطحه. ولقد كان هذا الجمال الأخاذ
لهذا المنظر المتعدد الأشكال والألوان ساحقاً في روعته،
فحفر في نفس تشارلس داك معاني لا يمكن أن تُمحى أبداً.
وإذ اقتربوا إلى القمر، كانت البقعة التي قرروا أن يجعلوها
مهبطاً لهم تشبه وادياً رائعاً كالذي نراه على أرضنا
بين شوامخ الجبال.كانت الأوقات التي أمضاها داك ورفقاؤه
على سطح القمر من أكثر أوقات عمره حماساً وإثارة،
رغم الصعوبات التي سببها انعدام الوزن في الرئتين
والقلب والعظام وكل أجزاء الجسم نتيجة لارتفاع سوائل الجسم
إلى أعلى وما ينتجه ذلك من مضاعفات.
ومع أن تشارلس كان في ذلك لا يؤمن بوجود الله،
ورغم كل هذه الإثارة والروعة فإذا بسؤال يقتحم عقله ..
تُرى ماذا وراء هذا الكون الفسيح العجيب
الذي يتعدى معرفة عقل أذكى العلماء ورؤية أكبر التلسكوبات ؟
وسريعاً تذكر ما قاله يوري جاجارين أول رائد فضاء سوفيتي،
حينما قال «لقد فتشت عن الله في الفضاء الشاسع، ولكن لم أجده»
وعندها شعر تشارلس ببهتان وغباء كلمات جاجارين،
وقال لنفسه إن أبسط عاقل وأصغر طفل لن يصعب عليه
أن يعرف أنه لا بد أن تكون هناك قوة عُظمى
وراء هذا الكون العظيم. وعندها تذكر داك ما فعله أرمسترونج
أول رائد فضاء أمريكي تطأ أقدامه سطح القمر،
حين وضع هناك الكتاب المقدس كأول وأعظم ما وُضع على سطح القمر.
بدأ تشارلس يشعر بالحيرة والقلق بل والخوف أيضاً،
ولكنه أفاق من أفكاره هذه وقرر أن ينسى كل هذا، حالاً،
ومهما كلّفه ذلك .. فهو الآن على سطح القمر في أخطر
وأهم رحلة في عمره. وحاول أن ينسى حتى عاد بسلام إلى الأرض.
أصبح الرجل مشهوراً جداً فساعده ذلك على أن يكون
من أنجح وأغنى وأهم رجال الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية،
ولكن هيهات .. فكلما حاول أن يهرب من الجوع والخواء
والحطام الداخلي، كان عطشه يزداد .. .. نعم لقد ذهب إلى القمر
وخزن الذهب لطول العمر، ولكن في قلبه أغوار ساحقة
من الفراغ أبعد وأعمق وأطول من كل رحلات الفضاء التي قضاها.
وجعله القلق لا ينام، بل وفي حزنه كم من المرات
كانت دموعه تسيل وكلما حاول أن يقاوم أو ينسى السؤال
الذي يقتحم عقله على سطح القمر، كان هذا السؤال يزداد إلحاحاً
ويزداد قوة: تُرى ماذا وراء هذا الكون العجيب ؟
وما هي القوة الخالقة والحافظة لهذا الإبداع اللانهائي ؟
وزاد سؤال آخر هو: ماذا بعد الموت ؟
وما أن تذكر مرة أخرى كلمات جاجارين
وكتاب أرمسترونج المقدس حتى شعر بنور قوي
يسطع بداخله في حلكة ظلامه .. نعم، سأبحث عن هذه الأسرار
في الكتاب المقدس؛ فإن ارتحت وارتويت كان هذا هو كتاب
خالق الأكوان والإنسان، أما إن لم يرحني فسأتبع نظرية جاجارين !!!
أخذ تشارلس داك يحلق في أجواء الكتاب المقدس،
بنفس حماس تحليقه في الفضاء، بل كان أكثر جدية
ورغبة في سرعة اكتشاف أسراره وكنوزه.
وفي أول صفحة من الكتاب عرف من هو الخالق
«في البدء خلق الله السموات والأرض» وأيام الخليقة
وما أن وصل إلى مزمور 3:8 وردد
( إذ أرى سمواتك عمل أصابعك القمر والنجوم التي كونتها،
فمن هو الإنسان حتى تذكره ؟ وابن آدم حتى تفتقده»
شعر داك بضآلته وحقارته رغم كل ثرائه وشهرته
ثم حفظ عن ظهر القلب مزمور 19 الذي يبدأ بالآية:
«السموات تُحدّث بمجد الله والفلك يُخبر بعمل يديه»
وعندما قرأ مزمور 1:53 «قال الجاهل في قلبه ليس إله»
كتب بقلمه الرصاص اسم يوري جاجارين بجوار هذه الآية
ولما قرأ تشارلس الأناجيل، أضاء أمامه السبيل،
وعند الصليب العجيب وأقدام المسيح الحبيب ركع داك
وطلب من الفادي أن يغسله بدماه من كل خطاياه
وجهل الماضي، وفي الحال سقط حمل الخطية
والخوف من على كاهل تشارلس داك،
ذاك الحمل الذي كان أكثر من كل الرمال،
وأثقل من جبال القمر وتلال كل الأفلاك التي رآها